سورة الشورى - تفسير تفسير ابن القيم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشورى)


        


{فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)}
معناها: أن اللّه سبحانه يعيشكم فيما خلق لكم من الأنعام المذكورة، قال الكلبي: يكثرها لكم ويكثر نسلكم في هذا التزويج، ولولا هذا التزويج لم يكثر النسل.
والمعنى: يخلقكم في هذا الوجه الذي ذكر: من جعله لكم وللأنعام أزواجا، فإن سبب خلقتنا وخلق الحيوان بالأزواج.
والضمير في قوله: {فيه} يرجع إلى الجعل.
ومعنى (الذرء) الخلق، وهو هاهنا الخلق الكثير، فهو خلق وتكثير.
فقيل (في) بمعنى الباء، أي يكثركم بذلك. وهذا قول الكوفيين.
والصحيح: أنها على بابها، والفعل متضمن معنى ينشئكم، وهو يتعدى بفي كما قال تعالى: {وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ} [56: 61].


{لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (49)}
قسم سبحانه حال الزوجين إلى أربعة أقسام، اشتمل عليها الوجود، وأخبر أن ما قدره بينهما من الولد فقد وهبهما إياه وكفى بالعبد تعرضا لمقته:أن يتسخط ما وهبه.
وبدأ سبحانه بذكر الإناث. فقيل: خيرا لهن لأجل استقبال الوالدين لمكانهما.
وقيل- وهو أحسن- إنما قدمهن لأن سياق الكلام أنه فاعل لما يشاء، لا لما يشاء الأبوان. فإن الأبوين لا يريدان إلا الذكور غالبا، وهو سبحانه قد أخبر أنه يخلق ما يشاء، فبدأ بذكر الصنف الذي يشاؤه ولا يريده الأبوان.
وعندي وجه آخر: وهو أنه سبحانه قدم ما كانت تؤخره الجاهلية من أمر البنات، حتى كأن الغرض بيان أن هذا النوع المؤخر الحقير عندكم مقدم عندي في الذكر.
وتأمل كيف نكّر سبحانه الإناث، وعرف الذكور، فجبر نقص الأنوثة بالتقديم، وجبر نقص التأخير للذكور بالتعريف. فإن التعريف تنزيه. كأنه قال: ويهب لمن يشاء الفرسان الأعلام المذكورين الذين لا يخفون عليكم.


{أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)}
ثم لما ذكر الصنفين معا قدم الذكور إعطاء لكل من الجنسين حقه من التقديم والتأخير. واللّه أعلم بما أراد من ذلك.
والمقصود: أن التسخط بالإناث من أخلاق الجاهلية الذين ذمهم اللّه سبحانه في قوله: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ} [16: 58] وقال تعالى: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [43: 17].
ومن هاهنا عبّر بعض المعبرين لرجل قال له: رأيت كأن وجهي أسود.
فقال له: ألك امرأة حامل؟ قال: نعم.
قال تلد لك أنثى؟

1 | 2